ترجمة – قسم الترجمة في “نداء بوست” – عبدالحميد فحام
قَبول إيران مؤخراً عضواً في منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) -إذ كانت مُراقباً منذ عام 2005- يُنظر إليه من قبل الكثيرين في طهران على أنه يفتح طريقاً لتجاوز عقوبات “الضغط الأقصى” التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2018 واستكملها الرئيس جو بايدن.
ويُعد الانضمام إلى التحالفات الإقليمية الكبيرة إحدى الطرق التي يمكن للدول من خلالها تعزيز مكانتها الدولية.
حيث تُغطي منظمة شنغهاي للتعاون، التي كانت في الأصل مجموعة أمنية، أكثر من 60% من دول العالم، وهي دول يقطنها نصف سكان العالم تقريباً، وتمتلك 45% من احتياطيات الطاقة العالمية، وتولّد أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتضم منظمة شنغهاي للتعاون ثماني دول: الهند، التي يبلغ عدد سكانها وحدها 1.3 مليار نسمة وتملك ناتجاً محلياً إجمالياً يبلغ 2.6 ترليون دولار، وباكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، إضافة لمنغوليا وبيلاروسيا وأفغانستان كمراقبين، في حين أن تركيا وأذربيجان من بين “شركاء الحوار”.
لكن المنظمة فيها عضوان مهمّان، إذ تتمتع الصين وروسيا بأكبر قدر من التأثير في قرارات منظمة شنغهاي للتعاون.
إن التفويض الأصلي لمنظمة شنغهاي للتعاون، والذي يظل مهماً، هو تطوير طرائق أمنيّة مشتركة، وقد ظهر ذلك بمشاركة إيرانية في التطورات في أفغانستان مع نهاية الوجود العسكري الأمريكي الذي دام 20 عاماً، كما تهتم طهران أيضاً بنهج الصين في مراقبة الإنترنت والتكنولوجيا الإلكترونية.
إنهاء هيمنة الدولار
لكن منظمة شنغهاي للتعاون أكّدت بشكل متزايد على الإمكانات الاقتصادية، ففي قمّة منظمة شنغهاي للتعاون عام 2007، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “احتكار التمويل العالمي وسياسة الأنانية الاقتصادية”، مشيراً إلى دور الولايات المتحدة والدولار، وألزم بوتين روسيا بـ “تغيير الهيكل المالي العالمي بحيث تكون قادرة على ضمان الاستقرار والازدهار في العالم وضمان التقدم”.
وقد نجحت روسيا والصين في تقليل استخدام الدولار في التجارة الثنائية، وتراجعت الصادرات الروسية المقوَّمة بالدولار إلى الصين من 90% في عام 2013 إلى 61% في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020، وَفقاً للبنك المركزي الروسي، وانخفضت سندات الخزانة الأمريكية الروسية من 176.3 مليار دولار في تشرين الأول /أكتوبر 2010 إلى 6.15 مليار دولار في كانون الثاني/يناير.
مع وجود قوى اقتصادية كبرى كأعضاء، يمكن للدول الصغرى الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون استخدام عملاتها الوطنية وتقليل استخدام الدولار في المعاملات الدولية مع تعزيز علاقات العمل المتبادلة وتبادل المعرفة.
وعلى الرغم من أن منظمة شنغهاي للتعاون ليست معروفة جيداً للعديد من المؤسسات الفكرية الدولية، إلا أنها ظهرت كتجمّع رئيسي.
ومن ناحية أخرى، تحتاج إيران إلى التكنولوجيا والتجارة الغربية، ولا يمكنها الاعتماد على تجارة من نوع المقايضة دون استخدام الدولار. وتتمتع كل من روسيا والصين بعائدات ضخمة من العملات الأجنبية، وتتمحور اقتصادات هذين البلدين على تجارة قائمة على عملات أجنبية إلى جانب الدولار.
بالنسبة إلى إيران، يمكن لعضوية منظمة شنغهاي للتعاون أن تعزّز روابطها مع مشروع طريق الحرير في الصين، ومبادرة الحزام والطريق، والتي ستعزز سنوياً الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 7.1 تريليون دولار بحلول عام 2040.
تقول وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إن طهران يمكنها اغتنام فرصة فريدة للتنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية.
وفي حين أن عضوية منظمة شنغهاي للتعاون وحدها لا تكفي لتعزيز العلاقات الاقتصادية الإيرانية، يجادل العديد من الاقتصاديين في إيران بأن يتم منح الفرصة للاستفادة من التجارة السنوية البالغة 330 مليار دولار بين الدول الأعضاء، والاستفادة من الأمن السياسي، كما يمكن لمنظمة شنغهاي للتعاون أن تُقَلّل من أثر العقوبات الأمريكية.
تعمل إيران أيضاً على تطوير العلاقات مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU) المكوَّن من خمسة أعضاء، والذي يربط روسيا وبيلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان في سوق داخلي واحد يبلغ 180 مليوناً.
وقد ارتفع حجم التجارة غير النفطية لإيران مع أعضاء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بنسبة 93% على أساس سنوي في الأشهر الأربعة الأولى (21 آذار/مارس – 22 تموز/يوليو) من العام الحالي، متجاوزة 1.6 مليار دولار.
رئيسي ينظر إلى الشرق
إن التزام إدارة رئيسي بـ “النظر إلى الشرق” سيضع مزيداً من التأكيد على أهمية عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، لكن الانضمام لن يكون فورياً، فقد يستغرق ما يصل إلى عامين، ولن يلبّي جميع مطالب إيران.
كما أن استمرار العقوبات الأمريكية سيحدّ من تعاون الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون مع إيران، وعدم انضمام طهران إلى مجموعة العمل المالي قد يساعد -كما يدّعي معارضو الانضمام إلى مجموعة العمل في طهران- على حماية بعض المعاملات من الولايات المتحدة.
لكنه لن يغير حقيقة أن أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون -ومنها الصين، الشريك التجاري الأكبر لإيران- لديهم مصالح أمريكية كبيرة يرغبون في حمايتها.
فالصين وروسيا والهند جميعهم أعضاء في مجموعة العمل المالي، ومطلوب منهم تطبيق قواعد المجموعة بشأن العناية الواجبة للمعاملات في دولة مدرجة في القائمة السوداء، كما كانت إيران منذ عام 2020.
و ختاماً: فإنه إذا لم يكن هناك تغييرات أوسع في السياسة الخارجية الإيرانية، فإن إيران لن تتمكن من التمتع بالمزايا الكاملة لمنظمة شنغهاي للتعاون.
بقلم: عميد شكري / المصدر: إيران إنترناشيونال / ترجمة: عبد الحميد فحام