“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
بعد جهود حثيثة، تمكن العراق من استعادة أقدم وأندر لوح في التاريخ الإنساني وهو أحد ألواح ملحمة “جلجامش” ويعود تاريخه إلى 3500 قبل الميلاد، بعد تعرُّضه للسرقة مطلع تسعينيات القرن الماضي إبّان حرب الخليج الأولى.
وتسلَّم العراق اللوح الأثري من الملحمة، التي تُعَدّ واحدةً من أقدم الملاحم في التاريخ البشري، بعد الحدث الكبير باستعادة 17 ألف قطعة أثرية دفعةً واحدةً أواخر تموز/ يوليو الماضي من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد الباحث العراقي المختص بالآثار، عامر عبد الرزاق، أن “العراق تمكَّن من استعادة لوح جلجامش الذي يحكي حلم “جلجامش” في الملحمة المؤلفة من 11 لوحاً جرى اكتشاف جميعها في مكتبة آشور بانيبال، لكن هذا اللوح “حلم جلجامش” مُهِمّ ونادر جِدّاً كونَه يحكي قصة الملحمة في العصر السومري، وليس كباقي القِطَع المُكتشَفة من الملحمة التي تتحدث عما كُتب عنها في العصر الآشوري”. وأضاف عبد الرزاق: “استطاع المفاوض العراقي إقناع الجانب الأمريكي، والقضاء الأمريكي بأحقية العراق بهذه القطعة الأثرية الرافدينية النادرة واسترجاعها”.
ووفقاً للسلطات الأمريكية، فإن هذا الكنز الأثري سُرق عام 1991 إبان حرب الخليج الأولى، ثم اشتراه عام 2003 تاجر أعمال فنية أمريكي من أسرة أردنية تقيم في لندن، وشحنه إلى الولايات المتحدة، من دون أن يصرّح للجمارك عن طبيعة الشحنة، وأدخله إلى سوق الفن الأمريكي، وفي عام 2019 صادرته وزارة العدل الأمريكية.
وأقامت منظمة “اليونسكو” حفلاً رسمياً بمناسبة إعادة اللوح إلى بلده الأصلي العراق، وقالت المديرة العامة للمنظمة، أودري أزولاي، في كلمتها خلال الحفل: “بإعادة هذه الأشياء التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني، تسمح السلطات الأمريكية والعراقية للشعب العراقي بإعادة الاتصال بصفحة من تاريخه”. وأضافت أن “هذا الاسترداد الاستثنائي هو انتصار كبير ضد كل مَن يشوّهون التراث، ثم يتاجرون به لتمويل العنف والإرهاب”.
وحول لوح “حلم جلجامش”، تحدث الباحث الأثريّ العراقي عبد السلام صبحي طه قائلاً: “بعد سلسلة عمليات بيع وشراء للوح، باعه مزاد كريستي الشهير في نيويورك عام 2014، في صفقة خاصة من دون مزايدة، بمبلغ مليون وستمائة وأربعة وتسعين ألف دولار إلى متحف الكتاب المقدس في واشنطن، شرعت السلطات الأمريكية بالتحقيق مع المتحف عام 2019، وصدر القرار من مكتب المدعي العامّ الأمريكي بمصادرته وإعادته لمالكه الشرعي (العراق) في مايو/ أيار 2020، وذلك لثبوت عدم صحة وثائق تملّكه بسبب تزويرها، وبادر المتحف إلى التصريح برغبته في إعادة قطع أثرية أخرى من مجاميعه إلى كل من العراق ومصر، وتبلغ حصة العراق منها نحو 6500 قطعة، وأبدى المتحف، إضافةً إلى ذلك، رغبته في التعاون مع الجهات العراقية ذات العلاقة، وتقديم المساعدة التقنية لهيئة الآثار والمُتحف العراقي في مجالات التوثيق والأرشفة والدراسة والنشر.